1 - الترشح (Feltering): يحدث الترشيح والتعديل في الاتصالات، نتيجة سعي المتصل لإظهار المعلومات الواردة في الاتصالات، بحيث تكون أكثر قبولا من قبل المتصل به، فمثلا، حين يخبر المرؤوس رئيسه بمعلومة ما، فإنه يضعها بأشكال ترضي رئيسه في سماع ما يريد سماعه، ولو أدى ذلك إلى تحريف المعلومات بالإضافة والحذف، وذلك للتأثير على متخذ القرار، وقد جرت العادة بأن تنقل الأخبار السارة للرئيس، بينما يحتفظ بالأخبار السيئة.
فإن عدم الثقة والخوف والتهديد بين الرؤساء والمرؤوسين يزيد من درجة الصعوبة في عملية الاتصال، سواء في حالة إرسالها أو في حالة فهمها من قبل المرؤوسين، فالمرؤوس الذي كان صادقا وأخبر رئيسه بالنتائج الحقيقية ونال عقابا على ذلك، سيتردد مرة أخرى بأن يكون صادقا، مما يدفعه إلى الكذب والتضليل وهذا ضرر واضح لعملية الاتصال.
2 – الإدراك المنتقى (Selective perception): يدرك المتصل به ما يريد أن يدركه حسب حاجاته واهتماماته وخبراته وقيمه واتجاهاته……الخ، في تلقيه وفهمه واستجابته لفحوى الاتصال، فمثلا، قد يرى من يقرر اختيار العاملين، أن طالبة العمل يجب أن تضع اهتمامات بيتها وأسرتها قبل اهتمامات العمل مما يجعله لا يقدّر خبراتها ومؤهلاتها حق التقدير، أو لا يسمع لما تقوله، نظرا لتحيّزه وأفكاره المسبقة وإدراكه لما يريد أن يدركه بغضّ النظر عن الحقيقة والواقع.
3 – العواطف (Emotions ):تؤثر الحالة العاطفية والنفسية للمتصل به، وما يشعر به من يأس وإحباط وغضب وحزن وسعادة ومرح على قدرات تلقيه وفهمه واستجابته لموضوع الاتصال، ومن الواضح أنه كلما ازدادت الحالة العاطفية شدة، ازدادت احتمالات التشوّه والتحريف لمعلومات الاتصال، وذلك نتيجة إعاقتها للتفكير السليم والمنطقية والمحاكمة والعقلانية.
4 – اللغة (Language ): تعطي الكلمة الواحدة معاني كثيرة مختلفة لمختلف الأشخاص، وهي نفسها لها مدلولات مختلفة بحسب استخداماتها المحددة.
وتتكون المؤسسات من أفراد يحوزون خلفيات وثقافات مختلفة، كما أن للاختصاصين والمهنيين منهم لغاتهم الفنية الخاصة بهم التي تناسب الاختصاص والمهنة. وإذا كان للمؤسسة فروع مختلفة في مناطق متباينة ضمن البلد الواحد أو البلدان الأخرى، فإن مشكلة اللغة تتفاقم، وتضيف أبعادا أخرى من التعقيد لعملية الاتصالات وتشويهها وتحريفها، كما أن المستويات التنظيمية العديدة المتباينة، ووجود مراكز ومراتب وظيفية متفاوتة، يعطي اللغة مضامين ومعاني مختلفة، فالإدارة العليا تتحدث عن التحفيز والأرباح ومعدلات الإنتاج، وقد يدركها الآخرون في المستويات التنفيذية الأدنى، أنها استغلال وجشع من قبل المالكين والإدارة.
5 – معوقات أخرى: توجد عوامل أخرى كثيرة تعيق عملية الاتصالات الفعالة وتشوّه وتحرّف المعلومات التي تحويها منها، وبشكل عام يمكن تحديد هذه المعوقات الأخرى التي تواجه عملية الاتصال وتؤثر على فعاليتها في النقاط الآتية:
أ – عدم وجود تخطيط كاف لعملية الاتصال، ففي كثير من الأحيان يبدأ الشخص بالتحدث أو الكتابة دون تفكير مسبق، وبدون تحديد الغرض من الرسالة التي ينوي إيصالها لتحديد الغرض من عملية الاتصال.
ب – وجود آراء وفرضيات غير واضحة، فقد تترك بعض الجوانب ناقصة وغير موضحة، ونتيجة ذلك، تحدث تفسيرات واقتراحات مختلفة، كأن مثلا يتصل شخص بآخر، ويحددان موعدا للاجتماع في التاسعة صباحا من اليوم التالي، دون أن يحددان مكان الالتقاء، على أساس أن كل واحد منهما في فِكرِه، مكتبه هو مكان الالتقاء، وبالتالي لا يجتمعان في اليوم التالي، وهذا يخلق فوضى وضياع كثير من الجهد والوقت.
ج – التلاعب بالمعاني والألفاظ، وهذا قد يكون مقصودا أو غير مقصود، بمعنى أن تترك الألفاظ مبهمة، مما يفتح مجال الاجتهادات والتفسيرات المختلفة، ومثال ذلك، الذي يعلن عن خصم عن السعر السابق ولكن لا يظهر السعر السابق، كأن يقول سأخفض السعر كما كان من قبل، ولا يذكر كم كان من قبل والسؤال هو أقل من ماذا؟
د – عدم القدرة على التعبير وإيصال الفكرة إلى المستمع، بالرغم من تمكن الشخص المتصل من فهمها ولكنه يضعف في إيصالها، فقد يعبّر عنها بكلمات ضعيفة أو غير مناسبة مما يخلق الكثير من الارتباك والغموض.
هـ – ليس العيب فقط في المتصل بل المستمع كذلك، بالرغم من أنّ كثيرا من الوقت يضيع في الإصغاء، إلا أن بعض الأفراد لا يصغون بشكل جيد، فقد يتظاهرون بالانتباه لكن تفكيرهم بعيد كل البعد عن مجرى الحديث.
و – كثرة التشويش الناتجة عن المؤثرات المتعددة التي تؤثر على عملية الاتصال التلفونية أو البرقية.
ي – عدم القدرة على فهم ظرف الطرف الآخر خلال عملية الاتصال، كالاتصال بزمن غير ملائم للطرف الآخر.
ن – عدم اختيار وسيلة الاتصال الملائمة، كأن يكتب الفرد رسالة، بينما يستدعي الموضوع قيامه بزيارة شخصية.
ك – الرقابة على الاتصال وحذف بعض الأجزاء من الرسالة، تؤدي إلى صعوبة في فهم المقصود أو الغرض من عملية الاتصال. وعملية الرقابة موجودة في كل مؤسسة، وكلما زادت درجة الرقابة نتيجة مرورها على مستويات إدارية مختلفة، كلما كان الاحتمال أكبر في حذف أجزاء أكثر، مما يؤدي إلى غموض الرسالة وصعوبة فهمها.
خــــاتمة
تعتبر المعلومات موردا مكلفا، ليس فقط عند اقتنائها ومعالجتها، ولكن أيضا عند إهمالها، إذ تؤثر بدورها في التوصل إلى قرار سليم، فالإدارة تهتم بالمعلومات، ليس من أجل ذاتها ولكن من أجل المنافع التي تنتج عنها، وتحدد قيمة المعلومات تبعا للنتيجة المتوقعة من القرارات التي تعتمد عليها هذه الأخيرة مقارنة بالنتائج المحققة، وللمعلومات التي تقتضي اتصالا، ثلاثة أغراض تقضيها في المؤسسة هي:
• تستخدم كمثل للموقف.
• تمد صانع القرار بأساس احتمالي للاختيار.
• تقلل الاختلافات بين البدائل في حل مشكلة معينة.
بالإضافة إلى كونها تزيد مستوى المعرفة لمستخدميها (اتصال).
هذا وبغض النظر عن خصائص مصادر وأنواع المعلومات، فإن عملية الاتصال لا تتوقف عند نقل الاستراتيجية، والمتابعة إلى المستوى التنفيذي، بل تتعداها إلى الإبداع وتغيير صورة المؤسسة، فكثيرا ما أدى نظام الاتصالات السيئ إلى نتائج سلبية للمؤسسة كما رأينا آنفا…….
وللتغلب على صعوبات الاتصال أو التخفيف من آثارها السيئة، يمكن تحسين المهارات الكتابية والتحليلية في عملية الاتصال، وذلك بالاهتمام والتأكيد على أمور مثل: التغذية العكسية، اللغة البسيطة، كبح جماح العواطف، والإصغاء الفعال، وتحسين الاعتبارات السلوكية من قبل المدير لمرؤوسيه لمعالجة المشاكل التي تظهر قبل وقوعها، وفيما يلي ثلاث عبر مستقاة من الحياة العملية التي يجب أن نتذكرها دوما وهي:
• أنّ الله أعطى الإنسان أذنين اثنتين ولسانا واحدا وذلك لتذكيره بضرورة الإصغاء أكثر من التحدث.
• يتطلب الإصغاء أذنين اثنتين واحدة للمعاني وأخرى للمشاعر.
• متخذو القرارات الذين لا يصغون تكون معلوماتهم أقل لاتخاذ القرارات الفعالة…….
قائمة المراجع
1- الكتب العربية
1- نواف كنعان, اتخاذ القرارات الإدارية, بين النظرية والتطبيق, دار الثقافة الجامعة الأردنية عمان, 1998 .
2- محمد محمد الهادي, إدارة الأعمال المكتبية المعاصرة – الأصول العلمية وتطبيقات المعلومات وتكنولوجياتها –الرياض دار المريخ –(السنة غير موجودة).
3- علي السلمي, إدارة الموارد البشرية دار غريب, الفجالة 1996.
4- فؤاد الشيخ سالم ،زياد رمضان ، أميمة الدهان, محسن مخامرة, الإدارة الحديثة (المفاهيم الإدارية الحديثة مركز الكتب الأردني –الطبعة السادسة 1998
5- أحمد محمد المصري, الإدارة الحديثة –معلومات –اتصالات- اتخاذ القرارات مؤسسة شباب الجامعة إسكندرية –الأزهر ج.م.ع 2000
6- محمد فريد الصحن, العلاقات العامة (المبادئ والتطبيق )–الدار الجامعية القاهرة 1988
7- علي محمد منصور, مبادئ الإدارة – أسس ومفاهيم مجموعة النيل العربية القاهرة مدينة نصر –ج م ع- الطبعة الأولى 1999.
8- عبد الرحمان الصباح, نظم المعلومات الإدارية، دار زهران للنشر والتوزيع, عمان 1998.
9- محمد مصطفى الخشروم, نبيل موسى, إدارة الأعمال (المبادئ؛ المهارات؛ الوظائف)؛ مكتبة الشقري, الطبعة الثانية 1998.
10- م إسماعيل, م السيد, نظم المعلومات لاتخاذ القرارات الإدارية, كلية التجارة, جامعة الإسكندرية, المكتب العربي الحديث, 1989.
11- علي السلمي, إدارة الموارد البشرية, مكتبة الإدارة الجديدة, غريب الفجالة, 1996.
12- محمد محمد الهادي- إدارة الأعمال المكتبية المعاصرة- دار المريخ- الرياض.
2- المراجع باللغة الفرنسية:
1- P. Druker,” the effective executive”, (Harper and Row publishers – New York) 1967.
2- Alain Vincent, Concevoir le système d’information de l’entreprise, les édition d’organisation .1993